الأربعاء، 15 أغسطس 2012

مقالات|د.حسام ابو البخاري: كما لم يسقط النظام فى 11 فبراير كذلك لم يسقط العسكر فى 12 اغسطس !





كانت السذاجة الثورية والطفولة السياسية والبراءة الواقعية فى 11 فبراير 2011 سببا فى كل ما مرت به الثورة خلال الأشهر 18 الماضية , 
تلك السذاجة التى جعلتنا نعتقد ان نظام مبارك قد سقط 
وان مجلسه العسكري كيان محايد 
وانه انضم لمربع الثورة وحمل مشروعها وآمالها وطموحها !

لم يكن مبارك هو النظام , 
بل كان أتفه ما في النظام 
وضحي النظام نفسه به لكي يثبت النظام !


النظام هو سياسات رأس المال واخضاع الاقتصاد المصري لمعادلات الاقتصاد العالمي وطموحات الكتل الاقتصادية الكبري – التبعية الاقتصادية.
النظام هو التبعية السياسية لدول المركز وامريكا .
النظام هو العلاقات التطبيعية مع اسرائيل واستمرار اتفاقية كامب ديفيد . 
النظام هو سلب الارادة الشعبية وسحقها فى امن الدولة والمخابرات واقسام الشرطة .
النظام هو الفقر والجهل والمرض والفساد والخوف .
النظام هو محو الهوية الدينية ومسخ المرجعية الحضارية الاسلامية.
النظام هو تسطيح وتتفيه الانسانية المصرية وتجريف العقل المصري .
النظام هو تقزيم دور مصر العربي والاسلامي والاقليمي والعالمي .

وكل هذا تقريبا لم يتغير حتى هذه اللحظة بعد تنحي مبارك !


وكذلك طنطاوي وعنان ليس هم العسكر 
بل هم أتفه ما فى العسكر !



فمن هم العسكر اذن ؟!
العسكر هم تلك النخب العسكرية التي زرعها الاحتلال وأبقاها وروضها ومولها ودربها لتقوم بدور الجماعة الوظيفية – بحسب تعبير المسيري – 
ولكي يبقي الاحتلال بالرغم من خروجه ! 

بما يسمي الاحتلال الغير المباشر او الاحتلال المحلي الوظيفي !

كيف حدث هذا ومتي ؟!
فى خمسينات وستينات القرن الماضي كان الاحتلال المباشر على الارض مكلف على كافة الأوجه بالنسبة للدول الاستعمارية فكانت الخطة المرسومة هي السيطرة على النخب العسكرية وتوظيفها لخدمة مشروع ما بعد الاحتلال !
ولماذا النخب العسكرية خاصة ؟!
لانها بطبيعتها وقدراتها قادرة على الحسم فى الداخل مع الميول الطبيعي لدي تلك النخب للخضوع للخارج القوي والداعم عسكريا وماديا !
ولذلك يقول د.عبد الوهاب المسيري فى مقدمة موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية عن القطاعات العسكرية فى دول العالم الثالث :
"ويكون بوسع القوى الأجنبية أو النخب الحاكمة أن تُوظِّف هذه الجماعات- اى النخب العسكرية - لصالحها. كما يمكن لهذه الجماعات أن تسيطر على المجتمع وتديره لصالحها وتصبح مثل المرتزقة والمتعاقدين الغرباء رغم أن خطابها السياسي قد يكون قومياً وثورياً واشتراكيا "انتهي .

اذن نحن امام نخب عسكرية مدعومة من اعدائها ! – المعونة الامريكية السنوية وغيرها نموذجا –
هذه النخب العسكرية لها اقتصاديات غير معلنة ولها اراض ومصانع وشركات ولها امتيازات واحتكارات اقتصادية – تقريبا 40 % من الاقتصاد المصري يسيطر عليه الجيش – وكل هذا غير خاضع لاي مراقبة او محاسبة او مكاشفة !

هذه النخب العسكرية تحكم وتدير وتسيطر على اى منتوج سياسي قائم سواء كان ديمقراطيا ام لا . 
هذه النخب العسكرية تحافظ على المحددات الرئيسة للنظام وتثبت التبعية للخارج و ايضا على العلاقة مع اسرائيل وعلى الانزواء الداخلي والتقزيم الخارجي !
بالطبع نحن هنا نتكلم على المنتوج النهائي لهذه النخب العسكرية والحالة العامة التي عليها , منتوج السياسة المسيطرة والقيادات المختارة بعناية والمواقف العملية على الارض ولا نتكلم علي كل فرد داخل تلك المؤسسات التى من الممكن ان يوجد فيها من يصلي الخمس ويصوم الاتنين والخميس ! 

اذن اسقاط العسكر ليس بالاطاحة بطنطاوي وعنان !

انما اسقاط العسكر يعني :

انهاء التبعية العسكرية لامريكا .
انهاء تدخل المؤسسة العسكرية فى الشأن السياسي .
انهاء تدخل المؤسسة العسكرية فى الشان المدني الا تحت قيادة السلطات المدنية المنتخبة – الرئاسة والبرلمان- .
كتابة دستور ليس فيه اى كلمة او حرف او عبارة يفهم منها من قريب او بعيد ان للمؤسسة العسكرية وضع خاص مميز لها وجعل مجلس الدفاع الوطني استشاري وليس تنفيذي .

تضمين المؤسسة العسكرية داخل الدولة واخضاعها للمراقبة والمحاسبة كبقية أذرع الدولة والبدء فى الاصلاح المؤسسي والهيكلي بداخلها .

ماسبق هو الحد الادني من فكرة اسقاط حكم العسكر وبدونه من السهل الانقضاض على أي تجربة ديمقراطية بقليل من المكالمات بين قادة النخبة العسكرية !

ويجب علينا ان نتذكر ونذكر الاخرين بكلمة شارل ديجول فى اعقاب انسحاب فرنسا من الجزائر بعد احتلال طويل لما قال لمن عاتبوه : "إنني تركت الجزائر في أيدي فرنسيين أكثر من فرنسيي فرنسا"

وقد حقق عسكر الجزائر- خالد نزار ورفاقه - آمال ديجول بالانقلاب الدموي على جبهة الانقاذ الفائزة فى انتخابات 1991 !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق